قال رئيس حزب السيادة خميس الخنجر اليوم السبت، إن مشكلة نظام الحكم في العراق تكمن بأن كل حزب أو طائفة تؤول فقرات من الدستور وفقاً لرؤيتها ومصالحها، مبيناً أن العراق لا يمكنه مغادرة مفهوم الدولة الفاشلة دون إعادة صياغة الفكر السياسي الذي يحمله القابضون على السلطة بما يضمن شراكة حقيقية فيها دون هيمنة وإقصاء وذلك خلال كلمة له في منتدى السلام والأمن في الشرق الأوسط المنعقد بالجامعة الأمريكية في دهوك.
كلمة الخنجر خلال المنتدى، تابعه موقع بوار العربية:
مستقبل بناء الدولة، تقاسم السلطة، بناء السلام، الاستقرار، ظهور داعش، والتهديدات التقليدية، هذه العناوين التي تشكل مواضيع جلسات المنتدى لا يمكن التعامل معها كل على حدا، بل هي سياق واحد متكامل غير قابل للتجزئة.
ستبقى الدولة هي الشكل السائد للتنظيم السياسي في الشرق الأوسط، ولكن هذه الدولة لن تتمكن من بناء الاستقرار أو التنمية ما لم تعد النظر بطريقة توزيع السلطة والثروة فيها من جهة، وما لم تعد النظر بالمحددات الجيوساسية الإقليمية والدولية وانعكاساها عليها.
لم يكن ثمة مكان مناسب في الشرق العربي الإسلامي، لاستضافة المؤتمر أكثر من العراق وكردستان العراق على وجه الخصوص.
هنا في أربيل تتجسد واحدة من أشد أماكن عدم الاستقرار في المشرق في مرحلة ما بعد سايكس بيكو، وما لا يمكن تجاهله أن الشرق هو المنطقة الأكثر فقداناً للاستقرار وتحولت إلى مولد للصراع والتدافع على المستوى الدولي ومن السهل تحديد الأسباب وأن نعيد تكرار المقولات التي تترد على ألسنة المعلقين الغربيين السياسيين التي تبدأ بأنظمة الحكم المستبدة وفقدان الديمقراطية وهشاشة أنظمة العدالة وضعف مؤسسات الدولة وهذه أعراض لمعضلات أعمق تتلخص في نظام الحكم الإقليمي الذي فرض على المنطقة وشعوبها بعد نهاية الحرب العالمية وانتهاء الرابطة العثمانية.
النظام في المشرق العربي تبلور في عدد من الاتفاقات السرية وشعوب المنطقة لم يتم استشارتها بأي صورة في رسم حدود دولها ولا طبيعة نظامها الحاكم ولم تؤخذ خصائص هذه الشعوب الإثنية أو الاقتصادية، وفي معظم دول الغرب رسمت حدود الدول بفعل توازنات القوى أو إرادة شعوبها وتدافعاتها.
على سبيل المثال في المشرق بعد انهيار الإمبراطورية العثمانية، رسمت الحدود طبقاً لتوازن الإمبراليات الغربية آنذاك ومن ضمنها بريطانيا وفرنسا.
الكيانات الجديدة وقعت تحت الاحتلال الأجنبي وكانت سلطات الاحتلال من قرر طبيعة تلك الأنظمة، وحدها تركيا بفضل حرب الاستقلال استطاعت الإفلات من الاحتلال الأجنبي وإن لم يكن دور لشعبها في ذلك.
الأنظمة الحاكمة صنعتها سلطات الاحتلال وعانت تشوهات منذ اللحظة الأولى لولادتها.
لم يضع نظام ما بعد الحرب العالمية الأولى في الحسبان، المخاطر الجيوسياسية، المسألة الطائفية والقومية، ولا المصالح الاقتصادية، فكان من الطبيعي أن تظهر الانقسامات الطائفية في العراق ولبنان وسوريا وأن تنفجر المسألة الكردية بين سوريا والعراق وإيران وتركيا بسبب الظلم الذي وقع عليها، وهناك دول حُرمت من منفذ على البحر وأخرى حرمت من موارد الطاقة.
نتج عن ذلك أن تشجعت أقليات دينية أو اجتماعية على السيطرة على مقاليد الحكم، وعندما أتت دول لتعيد النظر في الحكم كما حدث مع الاحتلال الأمريكي للعراق، صنعت دولاً مشوهة أكثر من سابقاتها.
لا يوجد حل لفقدان الاستقرار في الشرق بدون إعادة النظر بالأسس التي قامت عليها أنظمة الحكم.
داعش هي نتيجة وليست سبباً في العراق، ولم نتعلم من درس داعش أي شيء بل على العكس كل ما جرى بعد داعش عسكرياً في 2017، كان ترسيخاً لكل المقدمات التي أنتجت داعش والقاعدة من الأصل، ولم يتم النظر إلى داعش إلا أنها تهديداً أمنياً وليست إلا نتيحة لأزمة بناء الدولة في العراق واحتكار السلطة الأحادي وغياب مفهوم الأمن الجماعي.
مشكلتنا هي الانتقائية في تطبيق الدستور والتأويل لفقرات الدستور، مثال ذلك النهايات السائبة في فقرات الدستور، التي جعلت كل طائفة أو حزب تؤول الدستور وفقاً لرؤيتها ومصالحها وهذا ما حصل 2010 عندما فازت القائمة العراقية، قائمة المالكي ومقتدى الصدر بعدها، والقائمة التي كانت في المركز الأول حلت عليها لعنة في النظام السياسي، بسبب التأويل الخاطئ للدستور وترك النهايات السائبة.
كل الدول الديمقراطية عند أي أزمة تكون الانتخابات هي الحل إلا في العراق لدينا في كل انتخابات مشكلة ما بعد الانتخابات وقد تصل للصدام المسلح.
المحاولات المنهجية لاستخدام القانون كأداة سياسية ومحاولات تقويض النظام الفيدرالي وتحويل العراق إلى دولة دينية أحادية ودولة موازية مسلحة لضمان هيمنة تلك الدولة الأحادية والمجالات المنهجية لاحتكار المجال العام لصالح سردية أحادية وتسويقها على أنها الحالة الطبيعية، والمحاولات لصناعة جمهورية خوف ثانية تسحق كل المكتسبات التي تحققت في مجال حقوق الإنسان والحريات العامة بعد 2003.
فشلت الدولة العراقية لأنها لم تستطع إدارة التنوع في العراق وضمان قبول كل المواطنين في السلطة.
كان يجب أن يكون أول درس تعلمناه في 2003 هو مغادرة هذا المنطق لكن تم استعادة النموذج نفسه بشكل أكثر تطرفاً.
لا يمكن للعراق أن يغادر مفهوم الدولة الفاشلة دون إعادة صياغة الفكر السياسي الذي يحمله القابضون على السلطة بما يضمن شراكة حقيقية في السلطة من دون هيمنة وإقصاء وبناء سياسة خارجية قائمة على أساس مصالحنا الوطنية.
لا يمكن لمن أخفي أحد أفراد أسرته على أساس المخبر السري أو انتزاع اعترافات تحت التعذيب أو ما زال نازحاً وممنوعاً من العودة إلى بيته وبستانه أن يثق بالدولة وأن يعترف بسلطتها عليه، وهو يراها غير مهتمة بمصير المختفين قسراً وهم بالآلاف، أو بتعديل قانون العفو الذي يضمن إعادة التحقيق مع المظلومين وتعويض أهاليهم وضمان محاكمات عادلة وجبر الضرر الذي تعرضوا له.