عند إحدى ضفاف نهر الفرات في ريف محافظة الرقة السورية، يتجمع العشرات من السكان، وهم يحملون المعاول والمناجل، وينبشون التراب والطين، بحثا عن "غبار الذهب"، وذلك بعد انباء عن وجود في هذه المنطقة بسبب انخفاض منسوب النهر.
وبدأت عمليات البحث، قبل يومين، بعد أن لاحظ سكان محليون وجود تلال ترابية لامعة وسط الأراضي التي ظهرت بفعل انخفاض منسوب مياه النهر، ويُعتقد أنها تحتوي على كميات من الذهب الخام المختلط بالتربة.
وتحوّلت المنطقة إلى ما يشبه "مخيمًا عشوائيًا للتنقيب"، وسط مشاهد من الفوضى والعشوائية، وغياب أي تنظيم رسمي أو رقابة حكومية، خاصة وأن البعض جلب خيامًا ومؤنًا ومعدات بدائية، وبدأ عمليات الحفر على مدار الساعة، بينما ارتفعت أسعار أدوات التنقيب محليًا، وظهرت أنشطة سماسرة وباعة معدات مستعملة في القرى المجاورة.
وحول هذا الأمر، يقول المهندس الجيولوجي خالد الشمري،إن من غير المستبعد وجود رواسب معدنية أو بقايا ترسبات قديمة على طول مجرى الفرات، خاصة وأن النهر يمر بمناطق كانت تاريخيًا غنية بالمعادن، لكن الجزم بوجود ذهب خام يتطلب تحليلاً علميًا دقيقًا، لا يمكن الاكتفاء فيه بالمشاهدات العينية أو الانطباعات".
ويضيف أنه ورغم الضجة الواسعة، لم تُصدر السلطات السورية المحلية أي تعليق رسمي حتى الآن، ما أثار تساؤلات حول نية الجهات المعنية إما في التحقق من الظاهرة أو في احتوائها، في المقابل، بدأت وسائل إعلام محلية وصفحات إلكترونية في تغطية الحدث، مع ازدياد الاهتمام الشعبي بالبحث عن الكنوز كمصدر بديل للدخل في ظل الأزمات الاقتصادية الخانقة التي تمر بها البلاد".
نبوءة
هذا الحدث في الرقة، أعاد إلى الواجهة حديثًا نبويًا شريفًا ورد في صحيح مسلم عن أبي هريرة: "لا تقوم الساعة حتى يحسر الفرات عن جبل من ذهب، فيقتتل الناس عليه، فيُقتل من كل مائة تسعة وتسعون، ويقول كل رجل منهم: لعلي أكون أنا الذي أنجو".
وبهذا الشأن، يؤكد رجل الدين المحتص في الحديث، أسعد الحمداني، أن "الحديث من الأحاديث الصحيحة الثابتة في كتب السنة، ولا شك أنه يحمل دلالات عظيمة تتعلق بأحوال آخر الزمان، لكن من الخطأ الوقوع في فخ الإسقاط السريع، فليس كل حدث مشابه يمكن أن نُسقط عليه الحديث النبوي بصورة مباشرة".
ويتابع أن "ما يجري في الرقة يستوجب الحذر الشديد، لا سيما وأن الحديث ذاته يحذر من اقتتال الناس وتكالبهم على الذهب، وهو ما يعني أن الفتنة كامنة في الطمع نفسه، وليس في وجود الذهب بحد ذاته"، مشيرا إلى أن "الفهم الصحيح لهذا الحديث يفرض علينا أن ننظر إليه باعتباره تحذيرًا من الانزلاق في الفوضى بسبب شهوة المال، لا دعوة إلى التنقيب والاقتتال".